أنت الآن هنا: الصفحة الرئيسة - وسائط إعلامية - مقالات مكتوبة - ابن باديس بين السلفية والاباضية(3)

مقالات مكتوبة

السبت 20 جويلية 2013

ابن باديس بين السلفية والاباضية(3)

عدة فلاحي

هل أكون مبالغا أو مجانبا للصواب أو متحاملا على السلفيين وبالضبط على شيخهم الدكتور فركوس حينما أقول عنه بأنه يتسبب في فتنة دينية وطنية ويهدد السلم والأمن والتماسك الاجتماعي وهذا حينما يخرج إخواننا الإباضيين من زمرة أهل السنة والجماعة، مما يعني أنهم ليسوا من الطائفة الناجية التي تحدث عنها رسول الله، وكيف لأحد من المسلمين يعطي الحق لنفس ليوزع النجاة والهلاك كيفما يشاء ولمن يشاء؟

أقول هذا لأن الحديث بهذا الشكل مستفز في حق الإباضيين الذين ينكرون انتماءهم للخوارج مفرقين بين الخروج الديني والخروج السياسي وبأنهم ينتسبون لعبد الله بن إباض التميمي الذي ناضل الخوارج وتحدى الأمراء من الذين  حكموا أهواءهم وعطلوا حكم الله ونصبوا أنفسهم ملوكا بالقهر بعيدا عن الشورى والإقناع، بمعنى أنهم كانوا من دعاة النظام الديمقراطي بلغة هذا العصر ولكن مصير الإباضيين كان الملاحقة والتشريد ووجودهم اليوم في أقصى البلاد بميزاب القاحلة هو ناتج عن تحصين أنفسهم من أي اعتداء للمعتدين أو طمع للطامعين ولتنظيم وترتيب شؤون مجتمعهم الذي أضحى اليوم مفخرة للجزائر وإن كانت رياح العولمة بدأت تفعل فعلتها فنرجو الانتباه واليقظة حتى لا يضيع هذا التميز الإيجابي الذي لازال يعطي للمرجعية الدينية كل التقدير والاعتبار وهذا مما نحن في حاجة إليه في ظل زحف المذاهب الغريبة عن تربتنا .

  حينما يستقبل إخواننا الميزابيون وتصلهم خطابات تجعلهم خارج السياق فمن حقهم أن يحتجوا ويعترضوا، وقبل أن يفعلوا هم ذلك فمن واجبنا الديني والوطني والأخلاقي أن  نعترض ونحتج  بل ونندد من موقع أننا جزء منهم وهم جزء منا شأنا أو أبينا والتاريخ النضالي والجهادي والعلمي الذي يحسب لهم هو المادة التي تحركنا في هذا الاتجاه، ومن أراد أن يستوضح جزءا من هذا فليعد لفتاوى الشيخ عبد الرحمن بن عمر بكلي (1901/ت 1986) خريج الزيتونة والذي تتلمذ على يد العلامة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور، حيث رد على المغرضين والمشككين في مشاركة الميزابيين في الثورة الجزائرية المباركة وذهب يسرد والمرارة تعتصر قلبه من هذا التشكيك الذي لا يرقى لمثله سوى تشكيك الشيخ فركوس الديني، كيف كان للميزابيين مثلهم مثل إخوانهم من باقي الجزائريين سهام في الجهاد المدني والعسكري ليس في منطقة ميزاب وفقط وإنما في عدة مناطق من شمال الوطن مثل البليدة وغيرها وفي منطقة الصحراء التي كان يخطط المستعمر الفرنسي لفصلها عن الجنوب الجزائري ويكفي فقطا التذكير هنا بالدور الذي قام به الشيخ بيوض رحمه الله، وأما قبل ذلك فلا يمكن القفز على وقوفهم المشرف مع الأمير عبد القادر في مقاومته وثورة الشيخ الحداد والمقراني بل وتوسع اهتمامهم النضالي حتى في مساندة حركات التحرر في بلدان المغرب العربي.

   إن ادعاء السلفيين بأنهم امتداد للشيخ عبد الحميد ابن باديس لا يقوم على أساس من الصحة، اللهم لكسب مناصرين لهم والتمدد داخل شعب جمعية العلماء المسلمين المنتشرة عبر ولايات الوطن وإلا أين نضع نظرتهم للاباضيين مع نظرة الشيخ ابن باديس الذي كانت تربطه بهم علاقة أخوة ومودة وتعاون على البر والإصلاح والتربية والتعليم ونشر الوعي السياسي بين المسلمين الجزائريين ليتمكنوا من نيل الحرية والسعادة بكل ما تحمله من معنى، بل وأكثر من ذلك لم تكن العلاقة التي تجع بينهما روحية أو معنوية وفقط وإنما كانت كذلك تنظيمية وهذا من خلال مساهمة إخواننا الإباضيين في تأسيس جمعية العلماء المسلمين التي عملت على توحيد كلمة الشعب الجزائري وبكل مكوناته وليس إلى تفريقه وتشتيت كلمته كما يصنع الدخلاء من المنتسبين إلى الوهابية والذين لم يضحوا معنا لا بالنفس ولا بالنفيس ومع ذلك لا نملك إلا أن نقول بأن لهم ما لنا وعليهم ما علينا في هذه البلاد.

أ. عدة فلاحي (كاتب وبرلماني سابق)

الرابط: http://www.echoroukonline.com/ara/articles/172223.html

المصدر جريدة الشروق

إضافة تعليق