أنت الآن هنا: الصفحة الرئيسة - نافذة على مزاب - التراث الإباضي - مشوهات الإباضية، نظرة من الداخل والخارج

نافذة على مزاب

الثلاثاء 17 ديسمبر 2013

مشوهات الإباضية، نظرة من الداخل والخارج

د. إبراهيم بن بكير بحاز

لم تكن الفتنة التي ألـمَّت بأمَّة الإسلام في العقد الرابع من عمرها بالهيِّنة، ولا بالتي انتهت آثارها في سنوات وعقود أو قرون، لقد كانت فتنة عميقة في تأثيراتها، طويلة في مداها بل هي بلا مدى، لا تزال تفعل وتحرِّك وتؤثر هنا وهناك... ولا نرى لها نهاية ما دامت السماوات والأرض، ولكن نتوقَّع لها انخفاضا في تأثيرها السلبيِّ وانكماشاً في مفعولها التهديميِّ، وتراجعا عن مستوياتها وأحجامها إلى أدنى.

 لقد لاحقت تلك الفتنة مذاهب بعينها ولا تزال، واستفادت منها مذاهب بعينها ولا تزال، وعملت السياسة ضدَّ هذه لحساب تلك، وارتقت ووُثِّقت وقُبلت التي رضيت عنها السياسة، وتقهقرت وجُرِّدت ورُفضت التي غضبت عنها السياسة، وتم هذا في كثير من الأحيان أمام أعين العلم والعلماء، دون أن يكون للعلم والعلماء قول مستقلٌّ أو رأي مخالف معارض... وتوارث الخلفُ عن السلف العداء لهذا المذهب والتنديدَ به، ولتبعيد تلك الفرقة والتشهير بها، وانتهى المسلمون ممزَّقين يرادُ لهم البقاء على التمزُّق، مشتَّتين يُعمل ضدَّهم في الخفاء لتعميق التشتيت، ولكن هيهات.

في هذا الخضم من الأمل واليأس، تجاه مستقبل المسلمين ووحدتهم وقوتهم ودورهم الحضاري المنتظر، بل طال انتظاره، يبرز المذهب الإباضي(1) كإحدى نتائج الفتنة العاصفة، والمذاهب في الإسلام كلُّها تنيجة لتلك الفتنة، إمَّا مباشرة أو بشكل غير مباشر، وهو من المذاهب التي كانت الفتنة عليها ولم تكن لها، وعملت السياسة على تشويهه ليس لأنـَّها تعرفه أو تعرف أصوله، وإنما العكس تماماً، فهي لا تعرفه ولا تعرف جذوره، كما لم يعرف الكثير من العلماء حقيقته، جهلوا الكثير عنه، وعملت الإباضية بفلسفتها، على ترك الناس ساستهم وعلمائهم وعوامَّهم، وشأنهم فيما يقولون عن الإباضية، ابتداءً من التسمية، فالتصنيف إلى كتلة الخوارج، فالتقوُّل في أصول عقائد الإباضية وفروعها، فالتاريخ لها بما اتفق، خبط عشواء قد تصيب، ولكنها في الغالب غير صائبة.

 إنَّ الإباضية منذ نشأتهم كانت مظلومة مقهورة، التجأت إلى التقية والكتمان، فلم تلتفت كثيرا إلى ما يقال عنها في بداية أمرها، ولكن مع تقدُّم الأيام بدأت تشعر بالضيق والاختناق مـمَّا نسج حولها من افتراءات شوَّهت صورتها لا لسبب إلاَّ لأنَّ هذا المذهب كان محسوباً في المعارضة، والمعارضة في الفكر السياسي عند المسلمين، ولا أقول في الإسلام، لا تعني إلاَّ التمرد والخروج عن السلطان، بل ربما الخروج عن الدين.

 سأتناول في هذا البحث عدداً من المشوِّهات التي أصابت المذهب الإباضي منذ نشأته الأولى وعبر مراحله المختلفة، ويمكن إجمالها فيما يلي:

 1. التقية والكتمان.

2. الخوارج النشأة والفكر السياسي.

3. المعتزلة وممارستهم السياسة.

4. كتب الفرق والملل والنحل.

5. كتب الجغرافيين والرحَّالة (البلدانيون).

 المشوّه الأول: التقية والكتمان(2) :

 من المعروف أنَّ الإباضية تقسِّم الإمامة إلى أربعة أنواع تُعرف عندها بمسالك الدين(3) وهي: الظهور، والدفاع، والشراء، والكتمان.

 لقد التجأ الإباضية إلى الكتمان منذ بداية المذهب في النصف الثاني من القرن الأول الهجري، وذلك لحماية أرواحهم والمحافظة على اتجاههم، ليس من سلطة السلطان فحسب، وإنما أيضاً من الخوارج الغلاة الذين اعتبروا الإباضية قعدة وكأنهم يريدون بذلك أنهم خونة بمصطلحنا السياسي المعاصر، خانوا القضية لأنـَّهم لم يخرجوا معهم للاستعراض ومقاتلة الأمويين وولاتهم ومن والاهم.

 إنَّ هذا الكتمان، اتَّقى به الإباضية الضرر الذي أحاط بهم ابتداءً من إمامهم جابر بن زيد الأزدي رضي الله عنه (ت 93 هـ)، فهو أوَّل من مارس التقيَّة ووضع أساسها، وتعتبر إمامته إمامة كتمان، ثم مارسها من جاء بعده من أئمة الإباضية الذين خلفوه في الإمامة كأبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة رضي الله عنه (ت 150 هـ)  والربيع بن حبيب الأزدي رضي الله عنه (ت 170 هـ)، كما مارستها الرعية الإباضية في البصرة وبلاد العرب والمغرب حيثما وجدوا تحت سلطانٍ وُصف بالجور.

 ويجد الإباضية أنفسهم غير محتاجين للتقية إذا عاشوا إمامة الظهور كدولة آل الجلندى وما أعقبها من الدول في عُمان في العصور الوسطى إلى الحديثة، وكدولة الرستميين في المغرب في القرنين الثاني والثالث للهجرة (8-9 م)، أو عند إعلان إمامة الدفاع أو الشراء.

 وهكذا نلاحظ أنَّ الكتمان هو الغالب على إباضية المغرب بل إنـَّّه هو الغالب على الإباضية جميعها، لأنَّ الإباضيَّ إذا خرج من حدود دولة الظهور اضطرَّ إلى ممارسة التقيَّة ما دام في دولة الإسلام لأنـَّه بتقيته تلك يتَّقي السلطة وعيونها والمذاهب المعادية لمذهبه.

 ولا شكَّ أنَّ هذه التقية، قد خدمت الإباضية أيما خدمة، ووفَّرت لها كثيراً من الطمأنينة والأمن، ومارس تجَّارها نشاطهم، واحتكُّوا بغيرهم في المشرق والمغرب، فكانوا إباضية في المذهب حقيقة، وغير إباضية تقية.

هذه التقية يمكن أن نسمِّيها التقية الدينية السياسية، التي تخفي الاتجاه السياسي لصاحبها، فالمذاهب الإسلامية في العصور الوسطى كانت بمثابة الأحزاب السياسية المتنافسة على المناصب، وعلى التقرُّب من السلطان أو المعارضة له.

 هناك تقية أخرى يمكن أن نطلق عليها التقية الدينية العلمية، وربما يُستعمل هذا المصطلح لأوَّل مرَّة، نجد الإمام جابر بن زيد الأزدي رحمه الله، هو أوَّل من مارسها، وكذا أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة، والربيع بن حبيب ومن جاء بعدهما، رضي الله عنهم أجمعين، فالإمام جابر بن زيد، أحد التابعين المشهورين الثقاة في رواية الحديث والفقه، لم يكن يخوض في الأمور السياسية (السياسة الشرعية) أو يبدي أيَّ معارضة للتوجُّه العام لدولة بني أمية ظاهراً، وإنما كان يساير الاتجاه تقية، وينشئ اتجاها علميًّا جديداً، لم يُطلع عليه، على ما يبدو، حتى أقرب المقرَّبين إليه كالحسن البصري(4).

 فهذا التكتُّم العلميُّ الذي بدأه الإمام جابر بن زيد في الإباضية قد نجد له ما يبرِّره وهو الإمام القدوة المؤسِّس، فلا بدَّ من التقية من سطوة السلطان عهد الحجاج بن يوسف الثقفي ومن على شاكلته من الخلفاء والأمراء بالعراق، فهو غير حرٍّ في قول ما يريد، وقد دخل السجن شبهة، فتقيته العلمية كانت مرحلة من المراحل لابدَّ من وجودها قبل الإفصاح والظهور، إلاَّ أنَّ الإمام توفي وهو على التقية، وظلَّ عليها وهو يحتضر(5). ولما تولى من بعده الإمام أبو عبيدة مسلم مهمَّة جماعة الإباضية استمرَّ في نفس المنهج من التقية العلمية فضلا عن السياسة، وحاول نشر العلم في تقية تامَّة، وبالتالي في حدود ضيقة جدًّا، بحيث لا يدخل حلقة علمه السرية إلاَّ من ظهرت قناعته بالاتجاه الإباضي، وبما يذهب إليه من آراء في العقيدة والفقه والسياسة الشرعية، وامتدَّ عمر هذه التقية، ومن هنا كان مجال التعرُّف على الإباضية ضيقا، وحق للنديم في القرن الرابع الهجري العاشر للميلاد أن يقول في فهرسته عند تناوله أخبار متكلِّمي الخوارج (والإباضية في رأيه من الخوارج) وأسماءَ كتبهم: "... ولعلَّ من لا نعرف له كتابا قد صنَّف ولم يصل إلينا، لأنَّ كتبهم مستورة محفوظة"(6)، بل إنَّ الدكتور عوض خليفات في الربع الأخير من القرن العشرين يذكر أنَّ الإباضية خلَّفت تراثا ضخما في التاريخ والسير والعقائد لا يزال القسم الأعظم منها "مخطوطاً ومحفوظاً في دور كتب خاصة يملكها أتباع الفرقة في عُمان وزنجبار وشمال إفريقيا، ومن الصعب الوصول إليها"(7).

 إنَّ التقية العلمية فضلا عن السياسية، كما يظهر، استمرَّت لأزمان طويلة بعد أبي عبيدة والربيع ومن جاء بعدهما، فلم يحتكَّ علماء الإباضية بغيرهم من العلماء في المذاهب الأخرى الموالية للسلطان في العواصم الإسلامية الكبرى، ولم يفسح العلماء من غير الإباضية المجال للإباضية حتى يحتكُّوا بهم، فظلَّ أولئك العلماء في جهل بالمذهب الإباضيِّ وإن ادَّعوا الكتابة عنها، فإنهم لم يكتبوا إلاَّ ما سوَّلت لهم أنفسهم، أو انتقل إليهم من خصومهم في صورة التشهير والتشويه، فتداولوه بينهم وتناقلوه جيلا بعد جيل... دون مراعاة لأدنى معايير الصِّدق والأمانة في القول، ما دام هؤلاء الإباضية منعزلين في تقيتهم لا يردون، وما دامت كتبهم وكتاباتهم في تقية لا تتداول إلاَّ بينهم(8).

 كان من المفروض أن يتوقَّف القوم عن القول حتى يتبيَّنوا، وهذا معيار من معايير الإيمان عند الاتهام  ]يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ[ (سورة الحجرات: الآية 6). ولكنَّ الإباضية أصيبت بجهالة، ونُسِب إليها ما ليس فيها ولا منها(9)، وأُقحمت ضمن مجموعة الخوارج وهي التي قعدَت عن الخروج، وأُبعدت عن أن تكون ممن اتبع السنة وهي التي أخذت علمها عن التابعي الثقة المشهور جابر بن زيد عن الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين.

 إذا كانت التقية بشقِّها الأول قد نفعت المذهب الإباضيَّ وحافظت على بقائه وبقاء أتباعه، فإنـَّها بشقِّها الثاني، أضرَّت بالإباضية أيما إضرار، بخاصَّة وأنها امتدَّ بها العمر طويلا، فعزلتهم عن المراكز العلمية، وأغلقت عليهم ضمن مجموعتهم المشرقية في عُمان، أو مجموعاتهم المتناثرة ببلاد المغرب: نفوسة بليبيا، وجربة والجريد بتونس، ووارجلان وريغ ثم مزاب بالجزائر.

 إنَّ الإباضية، تناولت العلوم الشرعية بمختلف أبوابها في كتابات علمائها، وساهمت بفكرها في حضارة الإسلام، إلاَّ أنَّ علماءها ظلُّوا من المجهولين بمعيار علماء الحديث، وكُتُبها ظلَّت مجهولة لفترة طويلة جداًّ امتدت إلى مشارف القرن العشرين المنصرم.

 وحيث إنَّ الإباضية هي التي اختارت التقية منهجاً لها بداية، للأسباب الكثيرة المذكورة، فإنـَّه لـمَّا حاولت في هذا الزمان بعقود معدودة، البروزَ والظهور بما عندها من تراث مكتوب، والسفور بما لها من علماء أعلام، وجدت في الطريق أمامها من يريد إبقائها في المجهول، وإرغامها على التقية والكتمان لِما بقي من الدهور، وإنما المراد هو إسكاتها لـمَّا أرادت الإفصاح والظهور، مستفيدة من بعض الحريات التي أتيحت، والثورة التكنولوجية والمكتبات العالمية التي فتحت الأبواب العلمية على مصراعيها للجميع، وهذا الإرغام على الإسكات والبقاء في التقية، يرينا من جهة أخرى كم كانت معاناة الأوائل من الإباضية شاقة، لما كانت السلطة وبإيعاز في كثير من الأحيان من العلماء وأشباههم، تلاحق أتباعهم ومن على شاكلتهم في المعارضة السياسية أو المذهبية، وهو العذر الذي يمكن أن نلتمسه للإباضية في العصور الوسطى لما لم تضع حدًّا لتقيتها، وظلَّت تستظلُّ بظلالها وتحتمي بحماها.

 وهنا نتساءل، هل حاول علماء الإباضية الخروج من الكتمان بعيداً عن أوطانهم ودول ظهورهم التي قامت في المشرق والمغرب؟

 هل ناظر الإباضية أقرانهم في المذاهب الأخرى مناظرة عامَّة مباشرة ومفتوحة، أو كتابةً في زمنٍ من تلك العصور الماضية؟

 وبصيغة أخرى، هل كان الإباضيُّ باستطاعته أن يفعل ذلك ولم يفعله تقصيراً من عنده؟ أو هل يمكن أن نتَّهم علماء الإباضية بالتقصير في أداء رسالة التبليغ لِما عندهم من علم في العقيدة والفقه والسياسة؟

 إنَّ الإجابة على هذه التساؤلات، أتركها للمداخلات البنَّاءة، والملاحظات المفيدة، التي لا أشكُّ في أنـَّها ستُثري الموضوع وتبلغ به مداه، إلاَّ أنـَّني أردف فأقول: إنَّ بقاء الإباضية إلى اليوم بفكرها المتميِّز في العقيدة والسياسة بخاصَّة، وفي الشريعة بعامَّة، إنـَّما يعود في أحد أسبابه إلى تلك التقية التي مورست والتي أُرغموا على ولوجها بداية، والاستمرار عليها إلى مشارف القرن العشرين المنصرم نهاية أو شبه نهاية، فكانوا في التقية اضطراراً لا اختياراً(10).

 المشوّه الثاني: الخوارج: النشأة والفكر السياسي

 لقد شوَّه الخوارج المذهب الإباضي في مرحلتين:

 المرحلة الأولى: في نشأة الإباضية، إذ من المعروف أنَّ هذا المذهب ترجع أصوله الفكرية إلى عهد الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وفتنة الصحابة، وما آلت إليه من افتراق الأمَّة بين شيعة موالية لعلي، وعثمانية موالية لمعاوية بن أبي سفيان، ومحكِّمة حرورية اعتزلت الرجلين والاتجاهين بعد معركة صفين وحادثة التحكيم، وكانت بدايات الإباضية ضمن هذه المحكِّمة الحرورية التي سوف تُعرف بالخوارج وتشتهر بذلك في الآفاق، فيلاحقها من التشويه ما لاحق الخوارج عبر القرون، لا لسبب إلاَّ لأنَّ لها صلة مع هؤلاء الحروريين المحكِّمة في بداية أمرهم قبل أن تُطلق عليهم تسمية الخوارج.

 إنَّ بعض أسلاف الإباضية الأوائل، يعودون إلى تلك المحكِّمة بالذات وكانوا يمثلون المعارضة الإسلامية، وقفوا إلى جانب علي بن أبي طالب ضدَّ معاوية بن أبي سفيان الذي رأوا فيه الخروج عن الجادَّة لما خرج ضدَّ الإمام علي متمرِّداً رافضاً الاعتزال عن ولاية الشام لما عزله الإمام ومحاربا له، وسُرعان ما انسحبوا من جيش علي لأنـَّه قبِل التحكيم، وأوقف صفين، وكانوا قد حذَّروه من مغبة ذلك(11)، إلاَّ أن الإمام عليًّا كان مغلوباً على أمره منذ توليه الخلافة فخروجِ الثلاثة ضدَّه، ثم توالت الأحداث كلُّها في غير صالحه إلى أن قُتِل كرَّم الله وجهه سنة 40هـ/ 660م.

 لقد كانت البدايات الأولى للفكر الإباضي السياسي تتبلور في هذه الفترة المبكِّرة من تاريخ المعارضة في الإسلام، فإن وجد في الجناح من تعسَّف في معارضته، ربما مواجهة لتعسف سابق ومثله أو أكبر منه عهد بني أمية وعهد يزيد بن معاوية (61-64هـ) وعبد الملك بن مروان (65-86هـ) بخاصَّة، فإنَّ هذه المعارضة ستؤول إلى الزوال بالنسبة للذين خرجوا عن الجادَّة أو نسب إليهم الخروج العنيف والاستعراض البشع.

إنَّ أسلاف الإباضية الأوائل، قبل أن يكونوا إباضية، كانوا ضمن المحكِّمة، وكأني بهم كانوا يدرسون الوضع بعمق، ينظرون فيما آلت إليه الخلافة وما وصلت إليه الفُرقة بين المسلمين، حتى كان حوالي عام 64هـ/ 683م عندما رفض عبد الله بن إباض الخروج مع ابن الأزرق ضدَّ بني أميَّة، فسمِّي وأصحابه بالقعدة وافتخر الذين خرجوا (الخوارج) بخروجهم، إلاَّ أن الخروج الذي بدأ صفة مدح سرعان ما تحوَّل إلى صفة ذم وقدح(12) بفعل السياسة الأموية ضدَّهم، وبفعل ما اقترفوه من استعراض وامتحان للناس. وبدل أن تكون الصفة بمدحها وذمِّها لاصقة بمن كان يفتخر بها، نلاحظ أنها تعدَّت إلى الإباضية التي كانت هادئة تفكِّر في الأزمة وتبحث عن الاتجاه الوسط بين كثرة المعارضين من شيعة وأزارقة ونجدات وصفرية (خوارج) وزبيريين... وغيرهم.

 لقد أقحمت الإباضية ضمن فرق الخوارج على أساس أنـَّها نشأت نشأة خارجية، فلم تكن إلى جانب عليٍّ لتكون من الشيعة، ولا إلى جانب معاوية حتى تكون عثمانية، وبالتالي ليست إلاَّ خارجية، وكأنَّ الاتجاهات الكبرى هي تلك المذكورة لا غير: شيعة، أو عثمانية، أو خارجية...

لقد كانت الإباضية فعلا تميل ميل المحكِّمة الأوائل، إلاَّ أنـَّها لم تكن في يوم من الأيام من الخوارج، إذ لـمَّا خرج المتطرفون منهم كانت هي في القعود، وبدأت ما سوف يميِّزها عن غيرها من تلك الاتجاهات الكبرى، وهو التقية والكتمان، والخلود إلى إعمال العقل فيما أصيبت به الأمَّة، لذلك برزت كاتجاه مستقلٍّ، إلاَّ أنَّ التاريخ ضمَّها إلى الخوارج ضمًّا عنيفًا، وشدَّها إلى حركتها شدًّا قويًّا، لأنها في جذورها محكِّمة، ويبدو أنَّ دخولهم التقية لم يخوِّل لهم ردَّ هذه التسمية ورفضها، فسكتوا عنها حتى أصبحت ملاصقة بهم ملاحقة لهم، التصق بها وهي البقية الباقية من المحكِّمة أفعال الخوارج، ولاحقها ما لاحقهم من استعمال العنف والاستعراض...، وهي عن كل ذلك بريئة. وذلك هو التشويه الأوَّل ولا يزال.

 المرحلة الثانية: إنَّ الفكر السياسي عند الإباضية(13)، يتميَّز فيما يتميَّز به بعدم اعتبار القرشية في شروط الإمامة، وعدم اعتبار ولاية العهد بالصيغة التي وضعها معاوية بن أبي سفيان، وهو نفس ما يتميَّز به الفكر السياسي عند الخوارج.

 إنَّ هاتين الميزتين ربطتا الإباضية بالخوارج ربطاً قويًّا، لأنَّ كُتَّاب الملل والنحل كانوا ينظرون إلى مثل هذه الميزات لتشكيل مجموعات الفرق في الإسلام...، ثم إنَّ هاتين الميزتين فتحتا الباب واسعاً لتكون الإباضية في المعارضة عهد بني أمية، ومن عارض كان خارجاً عن الشرعيَّة، هكذا كان الاعتقاد، لذلك عومل الخوارج بعنف على أساس أنـَّهم غير شرعيين في معارضتهم(14)، فأصاب الإباضية من موقفها السياسي تجاه بني أمية ما أصاب الخوارج، وضمت إليهم لأنـَّها تتبنى موقفاً هو موقفهم، فكان التشويه الذي أصاب الخوارج بعامَّة، بسبب هذه المعارضة السياسية التي تحوَّلت في بعض الأحيان إلى مواجهات عسكرية، قد أصاب الإباضية بخاصَّة، ففِرَق الخوارج كلها قد انقرضت وانتهى فكرها السياسيُّ، بل إنـَّها لم تكتب شيئاً في هذا الفكر، وإنما كُتب عنها في مؤلَّفات خصومها، أمَّا الإباضية التي تمثل اتجاهها المستقل وفلسفتها في الإسلام، فإنـَّها كتبت في الفكر السياسيِّ، ومارست ذلك الفكر واقعاً معيشاً لقرون عديدة، ورفضت دول الإسلام انطلاقاً من ذلك الفكر، وهكذا كانت النقمة عليها بالذات لأنـَّها كانت دوماً في المعارضة، وكانت في ذهن معارضيها بذلك وريثة فكر الخوارج، وبالتالي يلاحقها من الذمِّ والتشويه، ولاحقها فعلاً، ما لاحق الخوارج، لما كانوا يصنعون التاريخ وبعد ذلك لما أصبحوا في ذمة التاريخ.

 إذن لقد شوَّه الخوارجُ، الإباضية أولاً لأنَّ الإباضية لها جذور مع المحكِّمة لـمَّا انطلقت حركة الخوارج، وثانياً لأنـَّها تتطابق في فكرها السياسي مع فكر الخوارج، وحيث إنَّ هؤلاء خرجوا وثاروا وتمرَّدوا واستعرضوا وحاربوا وشُوِّهت صورتهم في المجتمع الإسلامي حتى لا يكون لهم أتباع، تعدَّى ذلك التشويه وتلك الحرب إلى الإباضية، ولا تزال تعاني التصنيف إلى الخوارج إلى يومنا هذا مع ما ترتَّب في ذاكرة الإنسان المسلم من تشويه وتفسيق ومروق للخوارج وحركتهم بعامَّة.

 ومثلما شوَّه غلاة الخوارج حركة المحكِّمة في المشرق كذلك شوّه النكَّار في المغرب فكر الأباضية وانشقُّوا عن الدولة الرستمية، وساهموا في إضعافها وسقوطها في نهاية المطاف، ولقد أكثر الجغرافيون في المغرب من ذكرهم باعتبارهم إباضية وما هم بإباضية، وإنما هم نكَّار أنكروا إمامة الإباضي عبد الوهاب بن عبد الرحمان بن رستم عام 171هـ/ 787م، وذلك نوع آخر من التشويه سنعرفه عندما نتطرّق للجغرافيين والرحالة.               

 المشوّه الثالث: المعتزلة وممارستهم السياسية

 إنَّ الإباضية في عقيدتها تكاد تتطابق مع عقيدة المعتزلة(15)، إنَّ التراث الإباضي يتحدَّث عن مناظرات إباضية اعتزالية منذ وقت مبكِّر، وذلك عهد أبي عبيدة مسلم ابن كريمة (ت 150هـ/ 767م) الذي ناظر واصل بن عطاء وأفحمه(16) ويبدو أنَّ ذلك تم مع بداية ظهور الاعتزال في النصف الأول من القرن الثاني الهجري، كما أنَّ تيهرت الرستمية في المغرب الإسلامي شهدت مناظرات بين الإباضية والمعتزلة على نهر مينة، كانت الحجة فيها للإباضية على حساب المعتزلة الواصلية(17)، بل إنَّ الإباضية استطاعت في القرن الخامس الهجري (11م) أن تقنع المجتمع الميزابي في الجزائر وكان آنئذ معتزلياً واصليا، على اعتناق المذهب الإباضي وكان لها ذلك(18).

 لقد كانت هناك فروق بين الإباضية والمعتزلة، على الأقل حتى القرن الخامس الهجري / 11م... ثم تطابقت العقيدتان تقريباً بعد ذلك أو لنقل إنَّ زوال المعتزلة الواصلية، جعلنا نعتقد أن هناك تطابقا بين المذهبين، ولعلَّ تلك الخلافات والمناظرات التي كانت في القرنين الثاني والثالث للهجرة/ الثامن والتاسع للميلاد، هي من نوع الاختلافات والفروق الموجودة بين فرق المعتزلة العديدة نفسها.

 إنَّ الذي يهمنا هنا هو أنَّ الإباضية مثل المعتزلة في مسألة صفات الله سبحانه وتعالى، وأنها هي عين ذاته ويؤوِّلون الصفات الخبرية بحيث لا تؤدِّي إلى التجسيم من مثل يد الله، وجه الله، والاستواء... وكالمعتزلة في أنَّ القرآن مخلوق، وأنَّ الله جلَّ وعلا لا يُرى دنيا ولا أخرى، وأنـَّه صادق في وعيده مثل صدقه في وعده، وهو ما يترتَّب عليه خلود أهل الكبائر في النار إن دخلوها ولا تنفعهم شفاعة الشَّافعين، وأنَّ محمد –صلى الله عليه و سلم- سوف لن يشفع فيهم لأنـَّهم ليسوا أهلا لتلك الشفاعة، وأخيراً كالمعتزلة لا تأخذ الإباضية بخبر الواحد في العقائد لأنـَّه ظنيُّ الثبوت، والعقيدة لا تؤخذ إلاَّ من أدلة يقينية لا شبهة فيها.

 إذن، لقد كانت المعتزلة مثل الإباضية في العقائد، وكانت الإباضية مثل المعتزلة، وإنَّ هذه الأخيرة، لم تكن مثل الإباضية في التقية والكتمان، بل جاهرت منذ البداية بفكرها وأصولها، ووجدت من الخلفاء من آمن بها واعتنقها، بل وجعلها المذهب الرسميَّ للدولة(19)، وحماها وخوَّل لها من السلطة ما لم تقدِّر قيمته في اعتقادي، فتعسَّفت في الحكم، وأجبرت العامَّة على أمور أنى لها فهمَها، وأقحمت نفسها وقطعاً كبيراً من العلماء في صراع وجدال عنيفين، ركَّزت على مسألة خلق القرآن بالذات، وربما هي المسألة الأكثر تجريداً في فكر المعتزلة، وبالتالي الأكثر تعقيداً والأصعب استيعاباً عند العامَّة، لذلك فشلت فشلاً ذريعاً، وانقلب السيف والسوط اللذين كانا في يد وزرائها وقضاتها، إلى أيدي غيرهم ممن خلفوهم في مراكزهم العليا في الخلافة العباسية أيَّام المتوكل(20) (232-247هـ) ومن جاء بعده، وانقلبت المحنة منهم عليهم، فلوحقوا وسجنوا، وشوِّهت سيرتهم وأصولهم فيما كتب بعد تلك المحنة.

 إنَّ الذي أصاب المعتزلة من المحنة والتعصُّب ضدَّها وضدَّ فكرها بما كسَبَ رجالها لما كانوا في السلطة، أصاب الإباضية بمثله دون أن يكون لها ضلع في ذلك التعسُّف وتلك المحنة، تماماً مثلما لم يكن لها ضلع فيما اقترفته الخوارج الغلاة من الآثام ونسب إليها بالتبع.

فالعداء لمعتقدات المعتزلة لم يطل المعتزلة لوحدها، بل تعدَّاه إلى الإباضية لأنـَّها تحمل نفس العقيدة، وما كُتب عن المعتزلة من ردود كان ضدَّ الإباضية بالتبع، ومن تعصَّب لسلفية أو مجسِّمة ومشبِّهة  كان تعصُّبه ضدَّ الإباضية، لأنَّ حامل العقيدة التي تشبه المعتزلة المنقرضة اليوم هم الإباضية لا غير.

 فإذا كانت المعتزلة قد انقرضت، وانتهى أتباعها إلى الزوال، بسبب ما ارتُكب ضدَّها من عنف من جهة، وبسبب ما ارتكبته هي الأخرى من عنف ضدَّ معارضيها من جهة أخرى، فإنَّ الإباضية بعقيدتها شبه المطابقة لعقيدة المعتزلة، أصبحت هي المستهدفة، وكانت بالأمس تعيش التقية، أمَّا في العقود الأخيرة فإنـَّها أسفرت عن كتبها وعلمائها، لذلك أُلتفِت إليها واهتمَّ الدارسون بأصولها وفروعها وتاريخها، وكأنَّهم رأوا فيها وارثة الفكر المعتزلي، ومن هنا جاءها التشويه، ليس لأنـَّها ارتكبت جرماً أو تعسُّفا، وإنما لأنـَّها تحمل فكراً يذكِّر بفكر المعتزلة ومحنتهم وتعسُّفهم.

 لقد ظلَّ الفكر المعتزلي، عند من يعرف قيمة الفكر في الإسلام، قمَّة في العقل والاحتجاج به، دون أن يُعدموا الحجَّة بالنقل، فإن أخطات المعتزلة في استعمال السلطة، فإنها لم تخطئ أبداً في استعمال العقل وتوظيفه في الفكر. وهنا نتساءل ما ذنب الإباضية بعد ذلك إذا كانت لم تشارك فيما أخطأت فيه المعتزلة، لأنـَّها كانت هادئة رزينة تمارس تقيتها عقلاً وديناً، وإنما شارَكتْها فيما امتدحت فيه وهو الاحتجاج بالعقل، والثورة الفكرية المبدعة؟

 إنَّ الإباضية لما كانت المعتزلة تتعسَّف، كانت هي منهمكة بإقامة دولها في المشرق والمغرب، تريد الخروج من تقيَّتها، وكتب لها أن تستمرَّ وتخلد ويستمرَّ معها ويخلد فكرُها الأصولي الذي شوَّهه المعتزلة بتعسُّفهم، فأصاب الإباضية من ذلك التشويه ما لا تزال آثاره إلى اليوم.

 المشوّه الرابع: كتب الفرق والملل والنحل(21)

 من المعروف أنَّ هذا النوع من التأليف لم يعرفه المسلمون إلاَّ مع القرن الثالث الهجري/ التاسع للميلاد، فقد تأخَّر ظهوره طويلا، ويبدو أنَّ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "ستفترق أمّتي"(22)  له دور كبير في نشأته بحثا عن الفرقة الناجية التي يشير إليها ذلك الحديث، وبما أنـَّه نشأ متأخِّراً، ولم يكن له منهج خاصٌّ به، لذلك يعتمد كلَّ الروايات الموجودة إلى زمان نشأته، يحتطب أصحابه احتطاب ليل، ليس لهم ضابط من علم ولا من شريعة إذا تعلَّق الأمر بالفرق المغضوب عليها أو التي صنفت ونسبت إلى المغضوب عليها، لأنـَّها تعتبر فرقاً ومذاهب معارضة للخلافة الأموية ثم العباسية بعد ذلك.

 إنَّ الإباضية قد أصابها من هذه الكتب تشويهاً كبيراً، فأصحابها لم يتصلوا بالإباضية وإذا وجد منهم من قال إنـَّه عرف مجتمع الإباضية فإنـَّه تحدَّث عن عامتهم دون علمائهم، وفي إقليم بعيد عن أقاليمهم لم يكن لهم فيه صولة ولا جولة(23)، لذلك وجدنا مؤلفات الفرق والملل والنحل فيما يتعلَّق بالإباضية تتخبَّط خبط عشواء، فلا هي اتصلت بالعلماء الإباضية مباشرة، ولا اطَّلعت على كتب لهم أو ذكرته، وإنما كلُّ ما عملته أنَّها جمعت ما يُقال عن الإباضية من رِوايات، ثم انتقت منها ما يخدم أهدافها، وفسَّرتها بما يؤدي مرادها، وهي في عمومها، على الحقيقة، لا تعرف من الإباضية إلاَّ أموراً سطحية، إذ كيف يُعقل أن تنسب إليها فرقاً ليست منها في شيء، وآراء لم تقل بها في يوم من الأيام، وأشخاصاً لم يكونوا من أتباعها فضلاً عن أن يكونوا من أئمتها؟(24) فهي جهلت الإمام جابر بن زيد الأزدي إمام المذهب، وشوَّهت الفكر السياسيَّ بقصد أو غير قصد، ولم تطَّلع على تاريخ الإباضية في البصرة ولا في عُمان أو المغرب الإسلاميَّ(25)، لم تعرف فرقتي النزوانية والرستاقية رغم ما فعلتها في تاريخ عُمان المذهبي والسياسي، كما أنـَّها أبعد من أن تعرف حقيقة الوهبية والنكَّار، وتأتي بحقيقة الاختلاف بينهما في بلاد المغرب.

 لقد كان جهل كتب الملل والنحل بالإباضية مطبقاً، ورغم ذلك وجدت رواجاً كبيراً في عصورها، واعتمدها الباحثون حديثاً دون تقيد، فانتشر التشويه بسببها في الكتابات القديمة والدراسات الحديثة.

 وإني لأعجب من مؤرِّخين وفقهاء وأصوليين وأدباء يأخذون تاريخ الإباضية وأصولهم من تلك الكتب المشوِّهة للإباضية، ولا يكلِّفون أنفسهم عناء البحث عن الحقيقة من مصادرها عند الإباضية بعُمان أو المغرب ما داموا أحياء يُرزقون، وكتبهم متوفِّرة تبحث عمَّن يقرؤها، ومجتمعاتهم مفتوحة تسأل عمَّن يدرسها. ولقد سبق المستشرقون(26) إلى هذا لما علموا الحقيقة الغائبة فقادتهم إلى معرفة الحقيقة الحاضرة.

 لقد شوَّهت كتب الملل والنحل مذهب الإباضية بما لا تستطيع الإباضية إزاحته بسهولة ولو في وقت قصير، لأنَّ التشويه كان عميقاً، والثقة بتلك الكتب، فيما يتعلق بفرق المعارضة مطلقة ولا تزال، فأنى للإباضية أن ترفع عنها هذا التشويه، والأكاديميون اليوم يقصدون هذه الكتابات عند دراستهم للفرق والمذاهب في الإسلام، فإن كان لهم شبه عذر فيما يتعلق بالفرق المنقرضة فلا عذر لهم إطلاقاً فيما يخصُّ الإباضية التي كَتبَت عن أصولها وفروعها وتاريخها وكل المعارف المتصلة بها، فليس للباحثين الأكاديميين إلاَّ العودة إلى تلك الكتابات قديمها وحديثها، ليكشفوا البون الشاسع بين ما قيل عنهم وما كان فعلاً منهم.

 المشوّه الخامس: كتب الجغرافيين الرحالة (البلدانيون)

 في دراسة لي، غير منشورة بعد، تتبَّعت ما كتبه أكثر من عشرين جغرافيا ورحالة(27) عن الإباضية، وخرجت بمجموعة من الملاحظات من أهمِّها أنَّ أغلب أولئك الجغرافيين لم يزوروا مناطق الإباضية، وإذا ثبت أنهم زاروها فإن احتكاكهم بالمجتمعات الإباضية كان سطحيّاً ولوقت وجيز، لذلك كانت كتاباتهم اعتماداً على السماع في أكثر الأحيان، وكثيراً ما نقل المتأخِّر منهم عن المتقدِّم ما سبق ذكره، لتأكيده أو لإضافة جديد سمعه هو الآخرسماعاً، وخلطوا كثيرا ما بين الإباضية والنكَّار، وما بين العادات والتقاليد للشعوب وبين الدين والمعتقد، التقطوا كل شنيعة من أفواه السوقة والعامَّة فأثبتوها للإباضية، ولا ندَّعي أن الجغرافيين والرحالة هم الذين اخترعوا تلك الشناعات أو لفَّقوها، وإنما أقصى ما يمكن قوله، إنـَّهم لم يلتزموا الأمانة في التدقيق من الأخبار والتأكُّد من صحتها والتروِّي في تسجيلها، واستسهلوا تسجيل ما سمعوا وروايتَه وتخليده في مصنَّفاتهم، ولا أرى مبرراً لذلك التسرع في التقاط الأخبار وتدوينها إلاَّ كونها منسوبة لفرقة من أقليات فرق الإسلام، متناثر أتباعها في المشرق والمغرب في بِيئَات قاصية لم يصل إليها أغلبهم، وهم الموصوفون بأنـَّهم الجغرافيون والرحَّالة، فاطمأنوا إلى عدم وصول غيرهم إليهم من عامَّة الناس وخاصتهم.

 إنَّ اهتمام ذلك النوع من التأليف بالإباضية أمر يدعو إلى التدبُّر فعلاً، فلم يخصِّصوا للمذاهب الإسلامية من الاهتمام والكتابة ما خصَّصوه للإباضية، وهي كُتب لم تؤلَّف في المذاهب أصلاً، فلماذا اهتمَّت بالإباضية بالذات؟

 من المعروف أنَّ الجغرافيين كانوا يبحثون عن النوادر والغرائب والعجائب(28)، لذلك وجدوا فيما وصلهم عن الإباضية مادَّة لكتبهم اقتنوها ولم يَلتفتوا إلى صحَّتها كثيراً أو قليلاً، لأنـَّها في قوم هم من الخوارج، مع ما ترسَّب عن الخوارج الغلاة والنكار في الذاكرة الجماعية للأمة الإسلامية من سلبيات.

 ولا نعدم في الحقيقة إيجابيات ذكرها هؤلاء الجغرافيون والرحالة عن الإباضية، إلاَّ أنـَّها لا تمسُّ الدين وإنما تتجه إلى العادات والتقاليد ثم سرعان ما يغطيها، على قلَّتها، ذكر حشد من السلبيات تمس جوانب عديدة من الفقه الإباضي كصلاة الجمعة، والوضوء، والتيمم، والدفن وغيرها من هذه الفروع، يؤتى بها لحشد الكتاب بالغرائب ولتغطية الوجه الإيجابي للإباضية إذا اظطر الجغرافيُّ للتطرق إليه.

 إنَّ الكتابات الجغرافية، قد شوَّهت الإباضية، بطريقتها الخاصَّة، وتركت من يقرأها يأخذ صورة قاتمة عن هذا المذهب في مجتمعاتهم بالمشرق والمغرب، وقد لاحظ أحد الكتَّاب المعاصرين ذلك لما اطَّلع على ما قاله ابن بطوطة عن أهل عُمان فقال ملاحظاً: "...ليس أكثر من تعليقات اعتمد فيها على خليط من الإشاعات والحكايات التي كان يسمعها المؤلِّف من العامة خلال تجواله في أسواق وطرقات البلاد"(29).

 خلاصة القول، إنَّ هذه المشوِّهات التي عملت على زحزحة مذهب الإباضية عن مسرح الأحداث في العصور الوسطى وردحاً من الزمن بعد تلك العصور هي في طريقها إلى الزوال ولا شكَّ، ولكن لا يتأتَّى ذلك إلاَّ بمجموعة من الملاحظات:

 أولا: لقد خرج الإباضية من التقية والكتمان، ولم تعد تمارسها، بل هي جادَّة في نشر تراثها وإقامة الملتقيات للتعريف بكنوزها، فهل يقابل هذه الجدية من جانب الإباضية جدِّية العلماء والأكادميين منهم بخاصَّة في جميع المذاهب وجميع التخصُّصات لقراءة التراث الإباضي - ولا أقول إعادة قراءته، لأنـَّه لم يقرأ بعد بما فيه الكفاية - قراءته قراءة جدية متأنية، ترفعه إلى ما يجب أن يكون عليه من الثقة والرفعة جنباً إلى جنب مع تراث جميع المذاهب الأخرى دون إقصاء.

 ثانيا: هل أدرك العلماء، والأكاديميون منهم بخاصَّة، أنَّ كتب الملل والنحل وكتب الجغرافيا والرحلات وكثيراً من كتب التاريخ لا تعطي الحقائق عن الإباضية، بل إنـَّها تشوِّه الإباضية وتنسبُ لها ما ليس منها، لذلك لزم الأمر العودة إلى مصادر المذهب تماماً مثلما يُتعامل مع المذاهب الأخرى عند التطرق، إليها فمن غير المعقول أن تؤخذ آراء الحنفية من كتب الشافعية أو العكس، فلِمَ تؤخذ آراء الإباضية من كتب غير إباضية؟

 ثالثا: على العلماء جميعهم أن يتجرَّدوا للعلم دون تعصُّب مذهبي، ولكن بأكثر شجاعة، حتى يضيِّقوا شقَّة الخلاف بين المذاهب، بالتركيز على ما يجمعها، وإيجاد المبررات الفقهية فيما بينها من خلاف، فالمذاهب الإسلامية التي كتب الله لها البقاء إلى أيامنا هذه تمثل بمجموعها الفكر الإسلاميَّ الدافق والدائم، فلا بد لها إذن من المعرفة والتعارف والاعتراف فيما بينها.

 المصادر والمراجع:

 · إبراهيم بحاز وآخرون: معجم أعلام الإباضية (قسم المغرب)، نشر جمعية التراث القرارة 1999م.

· إبراهيم بحَّاز (الدكتور): الميزابيون المعتزلة، مقال بمجلة الحياة نشر جمعية التراث، المطبعة العربية، غرداية، عدد 1، 1991م.

· ابن حزم علي بن سعيد (ت 456هـ/ 1063م) الفصل في الملل والهواء والنحل، دار المعرفة، بيروت، ط2، 1975.

· ابن الصغير (ق 3هـ/ 9م) أخبار الأيمة الرستميين، تح إبراهيم بحّاز ومحمد ناصر، طـ الجزائر، مطبعة الألوان الجميلة، الجزائر 1986م.

· ابن منظور: (711هـ/ 1311م) لسان العرب المحيط، دار لسان العرب، بيروت، بلا تاريخ.

· أبو إسحاق ابراهيم اطفيش (معاصر) الفرق بين الإباضية والخوارج، مكتبة الإستقامة، عُمان، 1980.

· أبو حفص عمرو بن جميع (ق 7هـ/ 13م)، مقدِّمة التوحيد، شرح أبي العباس الشماخي وشرح أبي سليمان التلاتي، الجزائر، ط2، 1392هـ/ 1973م.

· أبو زكرياء يحي بن أبي بكر الورجلاني (471هـ/ 1078م): كتاب سير الأيمة وأخبارهم، تح إسماعيل العربي، منشورات المكتبة الوطنية الجزائر 1399هـ/ 1979م.

· أبو داود، سليمان بن الأشعت السجستاني (ت 275هـ/ 888م) سنن أبي داود، تح محمد محي الدين، دار الفكر، بلا مكان وتاريخ.

· الأشعري أبو الحسن (ت 324هـ/ 935م) مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1954.

· اعوشت بكير (معاصر) دراسات إسلامية في الأصول الإباضية، ط عُمان، بلا تاريخ ومكان الطبع.

· البرادي أبو القاسم (ق 8هـ/ 14م) الجواهر المنتقاة في إتمام ما أخل بن كتاب الطبقات، ط حجرية، قسنطينة 1302هـ.

· الترمذي محمد بن عيسى (ت 279هـ/ 892م): سنن الترمدي. تح أحمد محمد شاكر وآخرون، دار إيحاء التراث العربي، بيروت، بلا تاريخ.

· جهلان عدون (معاصر): الفكر السياسي عند الإباضية من خلال آراء الشيخ اطفيش. جمعية التراث، غرداية، 1990.

· حسين جابر بني خالد، أوجه التشابه بين المعتزلة والإباضية المعاصرة في العقيدة وموقف أهل السنة منهما. مقال بمجلة دراسات، علوم الشريعة والقانون، الجامعة الأردنية، عمان، مج 27، عدد 2، عام 2000م.

· الخطيب البغدادي أحمد ن علي أبو بكر (423هـ/ 1070م) تاريخ بغداد، دار الكتب العلمية، بيروت، بلا مكان وتاريخ.

· الدرجيني أبو العباس أحمد بن سعيد (ت 270هـ/ 1271م): كتاب طبقات المشايخ بالمغرب، تح إبراهيم طلاي، مطبعة البعث، قسنطينة 1394هـ/ 1974م.

· الربيع بن حبيب (170هـ/ 786م) مسند الربيع بن حبيب، تح محمد إدريس وآخر، دار الحكمة، مكتبة الإستقامة، عُمان 1415.

· السالمي أبو محمد عبد الله بن حميد: مشارق أنوار العقول، نشر وتصحيح أحمد بن حمد الخليلي، المطابع العالمية. سلطنة عُمان، بلا تاريخ.

· سعيد بن مالك بن إبراهيم الكندي (معاصر): الفكر السياسي الإباضي بين النظرية والتطبيق، بحث لنيل الإجازة في الحقوق، مطبوع بلا مكان وتاريخ الطبع.

· السيوطي جلال الدين عبد الرحمن بن ابي بكر (ت 911هـ/ 1505م): تاريخ الخلفاء، دار الثقافةن بيروت، لبنان، بلا تاريخ.

· الشماخي أبو العباس أحمد بين سعيد (ت 928هـ/ 1521م) كتاب السير، تح. أحمد بن سعود السيابي، ط عُمان، 1407هـ/ 1987م.

· علي يحي معمر (معاصر)، الإباضية في موكب التاريخ، ج1، مطابع دار الكتاب العربي، القاهرة، ط1، 1964م.

 · علي يحي معمر (معاصر)، الإباضية بين الفرق الإسلامية وعند كتاب المقالات في القديم والحديث، نشر وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عُمان، 1406هـ/ 1986م.

· عوض محمد خليفات (الدكتور): نشأة الحركة الإباضية، منشورات الجامعة الأردنية، عَمّان، 1878.

· فاروق عمر فوزي (الدكتور) دراسات في تاريخ عُمان، منشورات جامعة آل البيت، المفرق 1421هـ/ 2000م.

· مالك بن سلطان الحارثي (معاصر) نظرية الإمامة عند الإباضية، مطبعة مسقط، عُمان، ط1، 1411هـ/ 1991م.

· النديم محمد بن اسحاق (ت 380هـ/ 990م): الفهرست، دار المعرفة، بلا مكان 1994م.

· ولكنسون أن.سي: عُمان تاريخاً وعلماً، ترجمة محمد أمين عبد الله سلسلة تراثنا عدد 10، وزارة التراث القومية والثقافة، سلطنة عُمان أوت 1980م.

·  - Cuperly Pierre: professions de foi Ibadite: Contribution a l’Etude de l’ibadisme de sa théologie, Université de PARIS 6 Sorbonne, thèse de doctorat d’Etat, PARIS 1982.

·  - Lewicki Tadeusz: Etudes ibadistes nord Africaine, partie 1, Tasmiya suyuh gabal nafusa.

wa_qurahum, contenue dans le « Siyar Al_Massaih » « 4-12-S », Warszawa, 1955.

 · - Masqueray Emil (traduction): chronique d’abou Zakaria, imp. de l’Association ouvriere, Alger, 1878.

 · -Moutylinski A.de C: l’aquida des Abadhites, recueil de mémoires et de textes publies en l’Honneur du 16ém congres internationale des orientalistes, imp. orientale, Alger, 1905.

 = = = = = = = = = = = = = = = 

* جامعة آل البيت - الأردن

 (1) الإباضية أو الأباضية كلاهما وارد فأغلب أهل المشرق يفضلون أباضية بفتح الهمزة وأغلب أهل المغرب يفضلون الإباضية بكسر الهمزة. انظر معجم أعلام الإباضية إبراهيم بحّاز وآخرين، ج2، العلَم رقم _1_ نشر جمعية الثرات، غرداية 1999م. وانظر : عوض محمد خليفات (الدكتور) نشأة الحركة الإباضية، منشورات الجامعة الأردنية، عمّان، 1978.

(2) عن التقية والكتمان، تعريفهما وشرعيتهما انظر: الربيع بن الحبيب، مسند الربيع، ج1، ص301، الحديث رقم 794 باب في التقية، البغدادي، تاريخ بغداد ج 13، ص387، ابن منظور، لسان العرب المحيط، ج 3، كلمة وقى، ص971 وما بعدها. وانظر ما قاله المناوي في فيض القدير على لسان إبن عربي: "العُلماء ورثة الأنبياء أحوالهم الكتمان لو قطعوا إرباً إرباً ما عرف ما عندهم ولهذا قال الخضر "وما فعلته عن أمري" فالكتمان من أحوالهم الكتمان إلاّ أن يؤمنوا بالإفصاح والإعلان" عبد الرؤوف المناوي (1031هـ/1621م) فيض القدير  شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير، دار الفكر، دمشق بلا تاريخ، ج 4، ص384، وراجع السالمي أبو محمد عبد الله بن حميد: مشارق أنوار العقول، شرح وتصحيح أحمد بن حمد الخليلي، المطابع العالمية. سلطنة عُمان، بلا تاريخ، ص452. عوض خليفات: نشأة الحركة الإباضية، ص80، أعوشت بكير، دراسات إسلامية في الأصول الإباضية، طـ.عُمان، بلا تاريخ الطبع ، ص146.

(3) عن هذه الأنواع انظر: أبو حفص عمرو بن جميع، مقدمة التوحيد، 69-72، علي يحي معمر، الإباضية في موكب التاريخ، ج 1، ص93-96.

(4) ابن السعيد محمد (ت 210هـ/ 825م) كتاب الطبقات الكبير، تح إدوارد سخو، بريل ليدن 1905، 1918، ج 7، ص131-132. وانظر: ابن حجر أحمد بن علي العسقلاني (ت 852هـ/ 1448م) تهذيب التهذيب، حيدر أباد الدكن 1329-1371 هـ، ج 2، ص38.

(5) عوض: نشأة، ص93-95.

(6) النديم محمد بين إسحاق (ت 380هـ/ 990م) الفهرست، دار المعرفة 1994م، ص227.

(7) عوض: نشأة، ص41 وانظر ص41.

(8) انظر مثلا ما يقول ابن الصغير عن تداول كتاب مسائل نفوسة للإمام عبد الوهاب بن عبد الرحمن، أخبار الأيمة الرستميين، طـ الجزائر 1986، ص39. وانظر كذلك الدرجيني أبو العباس أحمد بن سعيد (ت 670هـ/ 1271م) طبقات المشايخ بالمغرب، تح إبراهيم طلاي، مطبعة البعث قسنطينة، 1394هـ/ 1974م، ج 2، ص496 - 498.

(9) انظر مثلاً: علي يحي معمر: الإباضية بين الفرق الإسلامية عند كتاب المقالات في القديم والحديث، طـ الجزائر أو عُمان، كل الكتاب.

(10) إن هذا الموضوع لا يزال بحاجة إلى دراسة تاريخية مستفيضة ولعل الله يوفّقنا لذلك في مستقبل الأيام إن شاء الله.

(11) البرادي أبو القاسم (ق 8هـ/ 14م) الجواهر المنتقاة في إتمام ما أخل به كتاب الطبقات، طبعة حجرية، قسنطينة، 1302هـ، ص112 وما بعدها، الشماخي أبو العباس أحمد، ت 928هـ/ 1521م، كتاب السير، تح الشيخ أحمد بن سعود السيابي، طـ عُمان 1407هـ/ 1987م، ص47 وما بعدها.

(12) أبو إسحاق إبراهيم اطفيش: الفرق بين الإباضية والخوارج، مكتبة الإستقامة، عُمان 1980 م، ص7.

(13) عن الفكر السياسي الإباضي انظر جهلان عدون: الفكر السياسي عند الإباضية. سعيد بن مالك بن الكندي، الفكر السياسي الإباضي بين النظرية والتطبيق بحث لنيل الإجازة في الحقوق، مطبوع بلا مكان وتاريخ الطبع. مالك بن سلطان الحرثي، نظرية الإمامة عند الإباضية، مطبعة مسقط، عُمان طـ1، 1411هـ/ 1991م، وانظر: فاروق عمر فوزي: دراسات في تاريخ عمان، منشورات جامعة آل البيت المفرق، 1421هـ/ 2000م، ص121 وما بعدها، 139 وما بعدها. وانظر: هند أبو الشعر: النظرية السياسية للإباضية في المشرق، مقال ضمن كتاب بحوث مهداة للأستاذ الدكتور سيد مقبول أحمد، تحرير د.فاروق عمر ود. هند أبو الشعر، منشورات جامعة آل البيت. 1420هـ/ 1999م ، ص361 - 419. 

(14) لا يزال هذا الاعتقاد قائماً إلى يومنا هذا عند بعض الدارسين، انظر على سبيل المثال: جابر قميحة: المعارضة في الإسلام بين النظرية والتطبيق، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، طـ1، 1998م، ص65.

(15) حسين جابر بن خالد، أوجه التشابه بين المعتزلة والإباضية المعاصرة في العقيدة وموقف أهل السنة منها، مقال بمجلة دراسات، علوم الشريعة والقانون، الجامعة اظلردنية عَمَّان، المجلد 27، العدد 2 عام 2000،ص ص 510 - 522، والحقيقة أن موضوع الإباضية والمعتزلة من المواضيع البكر التي يمكن أن تكون دراسة أكاديمية ممتازة كما يمكن أن تنجز بحثا محكماً بالعودة إلى المصادر الأصلية لكلا المذهبين. 

(16) الدرجيني، طبقات المشايخ بالمغرب، ج 2، ص 246. وانظر: البرادي الجواهر، ص 155.

(17) ابن الصغير: أخبار الأيمة الرستمين، تح إبراهيم بحّاز ود.محمد ناصر. المطبوعات الجميلة. الجزائر. 1986، ص 82، الدرجيني، طبقات 1/57 وما بعدها. أبو زكرياء، أخبار الأيمة وسيرهم، ص 76.

(18) إبراهيم بحّاز: الميزابيةن المعتزلة، مقال بمجلة الحياة، نشر جمعية الثرات، المطبعة العربية غرداية، عدد1، 1998م.

(19) السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر (911هـ/ 1505م)، تاريخ الخلفاء، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، مطبعة السعادة، مصر ، طـ2، 1378هـ/ 1959م، ص 308. وانظر: فاروق عمر فوزي: نشأة الحركات الدينية السياسية في الإسلام-دراسة تاريخية. الأهلية للنشر والتوزيع، عُمان، طـ1، 1999، ص 161 وما بعدها. وانظر نفسه، الخلافة العباسية عصر القوة والإزدهار، دار الشروق، عمان، طـ1، 1998، ج1 ص 292 وما بعدها .

(20) السيوطي، نفسه، ص 321. وانظر: فاروق عمر: نشأة الحركات، 166.

(21) من كتب الفرق والملل والنحل نذكر: الأشعري أبو الحسن علي (ت 324هـ/ 935م) مقالات الإسلاميين واختلاف المسلمين، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، طـ1. 1954، دار المعرفة، بيروت، طـ3، 1975، ابن حزم علي بن سعيد (ت 456هـ/ 1063م) الفصل في الملل والأهواء والنحل، الشهرستاني أبو الفتح محمد بن عبد الكريم (ت 548هـ/ 1153م) بهامش كتاب الفصل لابن حزم، دار المعرفة للطباعة، بيروت، ط2، 1975م.

(22) عن هذا الحديث انظر: الربيع بن حبيب بن عمرو الأزدي (ت 170هـ/ 786م) مسند الربيع بن حبيب تح محمد إدريس وعاشور بن يوسف، دار الحكمة، مكتبة الإستقامة، عُمان، 1415. 1/36 رقم 41. وانظر: أبو داود سليمان بن الأشعت السجستاني الأزدي (275هـ/ 888م) سنن أبي داود. تح محمد محي الدين عبد الحميد. دار الفكر، بلا مكان وتاريخ الطبع، 4/197، رقم 4596. الترمذي محمد بن عيسى أبو عيسى (ت 279هـ/ 892م) سنن الترمذي، تح أحمد محمد شاكر  وآخرون، دار إحياء الثرات العربي. بيروت، بلا تاريخ، 5/25، رقم 2640.

(23) ابن حزم: الفصل في الملل والأهواء والنحل، ج4، ص 188 وما بعدها.

(24) علي يحي معمر، الإباضية بين الفرق الإسلامية عند كتاب المقالات في القديم والحديثن جزءان، نشر وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عُمان، 1406هـ/ 1986م.

(25) عوض خليفات: نشأة، ص 12 - 13.

(26) انظر مثلا:

- Cuperly Pierre: professions de foi Ibadite: Contribution a l’Etude de l’ibadisme de sa theologie, Universite de PARIS 6 sorbonne, these de doctorat d’Etat, PARIS 1982.

- Lewicki Tadeusz: Etudes ibadistes nord Africaine, partie 1, Tasmiya suyuh gabal nafusa.

wa_qurahum, contenue dans le « Siyar Al_Massaih » « 4-12-S », Warszawa, 1955.

- Masqueray Emil (traduction): chronique d’abou Zakaria, imp. de l’Association ouvriere, Alger, 1878.

Moutylinski A.de C: l’aquida des Abadhites, recueil de memoires et de textes publies en l’Honneur du 16ém congres internationale des orientalistes, imp. orientale, Alger, 1905.

(27) من أولئك الجغرافيين: أحمد بن واضح اليعقوبي (ق 3هـ/ 9م) كتاب البلدان، ابن حوقل النصيبي (ق 4هـ/ 10م)صورة الأرض، المقدسي (ق 4هـ/ م) أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، الإصطخري (ق 4هـ/ 10م) مسالك المسالك، البكري أبو عبيد (ق 5هـ/ 11م) المغرب في ذكر بلاد إفريقية والمغرب، ابن سعيد المغربي (ق 6هـ/ 12م) كتاب الجغرافيا، الشريف الإدريسي (ق 6هـ/ 12م) نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، ابن جبير الأندلسي (ق 7هـ/ 13م) رحلة ابن جبير، العبدري المغربي (ق 7هـ/ 13م) رحلة العبدري، القزويني (ق 7هـ/ 13م) آثار البلاد وأخبار العباد، مجهول (ق 7هـ/ 13م) الإستبصار في عجائب الأمطار، ياقوت الحموي (ق 7هـ/ 13م) معجم البلدان، ابن بطوطة (ق 7هـ/ 13م) رحلة ابن بطوطة، تحفة النظار في غرائب الأمطار وعجائب الأسفار، التيجاني المغربي (ق 8هـ/ 14م) رحلة التيجاني، القلصادي المغربي (ق 9هـ/ 15م) رحلة القلصادي، العياشي (ق 11هـ/ 17م) رحلة العياشي ماء الموائد، ابن مطال التلمساني (ق 11هـ/ 17م) رحلة محمد باي النغرب الكبير، وغيرها من هذه المصادر الجغرافية والرحلات.

(28) من عناوين المؤلفات نقرأ "المُغرب في ذكر إفريقية والمَغرب"، "نزهة المشتاق في اختراق الآفاق"، "الإستبصار في عجائب الأمطار"، "تحفة النظار في غرائب الأمطار وعجائب الأسفار" وهكذا.

(29) أف.س.ولكنسون، عُمان تاريخاً وعلماً. تجرمة محمد أمين عبد الله، سلسلة تراثنا. عدد 10، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عُمان، مطابع سجل العرب، مصر، أوت 1980. ص 74.

إضافة تعليق